للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وجلَّ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ، فأثبت السمعَ والبصرَ، ونفى مشابهة غيره له، وهذا هو اللاَّئق بكمال الله وجلاله، وهو الحقُّ الذي لا ريب فيه.

الثاني: أنَّ ما زعموه من أنَّ الإثباتَ يقتضي التشبيه، ومن أجله عطَّلوا الصفات، أدَّاهم ذلك إلى التشبيه بالمعدومات، وهو أسوأ، وقد مرَّ في كلام بعض أهل العلم ما يُبيِّن ذلك، لا سيما ما عزاه الذهبي إلى حماد بن زيد من التمثيل بالنخلة، التي نفى أصحابُها كلَّ صفات النخل عنها، وقيل لهم: إذاً فما في داركم نخلة! وذلك في الفائدة الثانية.

الثالث: أنَّه قد وُجد في المخلوقات حصولُ الكلام على خلاف ما هو مشاهَدٌ في المخلوقين؛ فإنَّ ذراعَ الشاة التي وُضع فيها السُّمُّ للرسول صلى الله عليه وسلم كلَّمته وأخبَرته بأنَّها مسمومةٌ، كما في سنن أبي داود (٤٥١٠) و (٤٥١٢) .

وروى مسلم في صحيحه (٢٢٧٧) عن جابر بن سَمُرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنِّي لأعرفُ حَجَراً بمكة كان يُسلِّمُ عليَّ قبل أن أُبعَث، إنِّي لأعرفه الآن".

وهذا من كلام بعض المخلوقات في الدنيا، وأمَّا في الآخرة، فقد قال الله عزَّ وجلَّ: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} وقال: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ َوَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} .

أفَيُقال: إنَّ كلامَ الذِّراعِ والحجرِ والأيدي والأرجلِ لا يكون إلاَّ بلسان وشفتَين؟!

<<  <   >  >>