فقد جاء عنه ذمُّه، بل والمبالغة في ذمِّه، ولا يُنبئك مثلُ خبير، جاء ذلك عنه في كتابه إحياء علوم الدِّين، حيث بيَّن ضررَه وخطرَه، فقال (ص: ٩١ ٩٢) : "أمَّا مضرَّته، فإثارةُ الشبهات وتحريك العقائد، وإزالتها عن الجزم والتصميم، فذلك مِمَّا يحصل في الابتداء، ورجوعُها بالدليل مشكوك فيه، ويختلف فيه الأشخاص، فهذا ضررُه في الاعتقاد الحقِّ، وله ضررٌ آخر في تأكيد اعتقاد المبتدعة للبدعة، وتثبيته في صدورهم، بحيث تنبعث دواعيهم، ويشتدُّ حرصُهم على الإصرار عليه، ولكن هذا الضرر بواسطة التعصُّب الذي يثور من الجدل".
إلى أن قال:"وأمَّا منفعتُه، فقد يُظنُّ أنَّ فائدَتَه كشفُ الحقائق ومعرفتُها على ما هي عليه، وهيهات؛ فليس في الكلام وفاء بهذا المطلب الشريف، ولعلَّ التخبيط والتضليل فيه أكثر من الكشف والتعريف، وهذا إذا سمعته من محدِّث أو حشوي ربَّما خطر ببالك أنَّ الناسَ أعداءُ ما جهلوا، فاسمع هذا مِمَّن خَبَر الكلامَ ثم قلاه بعد حقيقة الخبرة وبعد التغلغل فيه إلى منتهى درجة المتكلِّمين، وجاوز ذلك إلى التعمُّق في علوم أخر تناسبُ نوع الكلام، وتحقق أنَّ الطريقَ إلى حقائق المعرفة من هذا الوجه مسدود، ولعمري لا ينفكُّ الكلام عن كشف وتعريف وإيضاح لبعض الأمور، ولكن على الندور في أمور جليَّة تكاد تفهم قبل التعمُّق في صنعة الكلام".
وقد نقل شارحُ الطحاوية عنه هذا الكلام وغيرَه في ذمِّ علم الكلام (ص: ٢٣٦) ، وقال (ص: ٢٣٨) : "وكلامُ مثلِه في ذلك حجَّة بالغة".