للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: عرض موجز لأسباب نشأة علم التخريج

إن مبدأ التثبت في قبول الأخبار وطلب المتابع والشاهد ليس بدعاً من القول، بل هو قديم العهد، إذ يبدأ منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد نقلت إلينا أخبار كثيرة تبين هذه الحقيقة، فالصحابة –رضي الله عنهم– هم أول من سن هذه السنة، يقول الإمام الذهبي عن أبي بكر –رضي الله عنه-: كان أول من احتاط في قبول الأخبار. ا?‍ (١) .

ومضى أئمة التابعين على النهج ذاته، ولاسيما أن زمنهم عرف ظهور البدع وانتشار النحل، وفشو الوضع.

وفي زمن صغار الأتباع وأتباعهم ألفت الكتب وجمعت السنة كما هو مقرر في غير هذا الموضع.

ولم يكن العلماء –في هذا العصر– بحاجة إلى هذا العلم لقصر الأسانيد، وسعة حفظهم واطلاعهم على الحديث النبوي، مع أن قواعد هذا العلم كانت تتناقل بينهم شفهياً (٢) .

إلا أن هناك من اعتنى بجمع الطرق ولو لحديث واحد، ولعل من أقدم من فعل ذلك هو: الإمام علي بن المديني (ت٢٣٤?) فقد جمع طرق حديث "من كذب علي متعمداً" وتبعه: يعقوب بن شيبة (ت٢٦٢?) وغيرهما (٣) .

كما أن الإمام الترمذي –رحمه الله– (ت٢٧٩?) وضع لبنة أخرى في


(١) تذكرة الحفاظ ١/٢
(٢) انظر: كشف اللثام لعبد الموجود بن عبد اللطيف ١/١٤٢ – أصول التخريج ص ١٣.
(٣) انظر: نظم المتناثر للكتاني ص ٣٧.

<<  <   >  >>