للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا البناء الشامخ حيث ألف السنن وكان يشير بعد كل حديث إلى شواهده المروية عن عدد من الصحابة فيقول: وفي الباب عن فلان وفلان (١) .

فكان بهذا العمل ينمو هذا العلم الوليد.

وبعد ذلك اجتهد عدد من العلماء في القرن الرابع في العناية بالأحاديث المرسلة والمعلقة والمعضلة في كتب الحديث المشهورة فوصلوها في مصنفات مستقلة، ولعل أقدمهم: أبو عمر أحمد بن خالد القرطبي المعروف بابن الجبَّاب (ت٣٢٢?) ‍ حيث ألف مسند الموطأ، وتبعه غيره من العلماء (٢) .

فهذه الكتب جمعت بين التخريج والإخراج، وبعبارة أخرى: كانت تخرج بالرواية. واستمر الحال على ذلك حتى جاء الإمام البيهقي؛ فقد نقل أن له كتاباً في تخريج أحاديث ((الأم)) للشافعي (٣) .

وبعد هذه المرحلة المؤسسة لهذا العلم أتت مرحلة أخرى وهي حين بعُد الزمن وطالت الأسانيد وتنوعت العلوم وكثرت المصنفات وصار كثير من المعتنين بالعلوم الأخرى كالتفسير والفقه والأصول تقل عنايتهم ببيان الأحاديث والآثار التي يوردونها في كتبهم. يقول العراقي: ((عادة المتقدمين السكوت عما أوردوا من الأحاديث في تصانيفهم، وعدم بيان من خرجها، وبيان الصحيح من الضعيف إلا نادراً وإن كانوا من أئمة الحديث، حتى جاء النووي فبين. وقصد الأولين ألا يغفل الناس النظر في كل علم في مظنته، ولهذا


(١) كشف اللثام ١/١٤٢.
(٢) انظر: حصول التفريج ص ٢٤.
(٣) يوجد منه مجلد في دبلن، والمجلد الثاني في دار الكتب المصرية برقم ٧٢٥ (انظر مقدمة تخريج أحاديث شرح العقائد لصبحي السامرائي ص١١) .

<<  <   >  >>