قال أبو عبد الله الذهبي - في نهاية تراجم الطبقة السادسة وهم من أتباع التابعين: "وكان في زمان هؤلاء خلق من أصحاب الحديث ومن أئمة المقرئين - كورش والكسائي - وخلق من الفقهاء - كفقيه العراق محمد بن الحسن، وفقيه مصر عبد الرحمن بن القاسم - وخلق من مشايخ القوم - كشقيق البلخي، والفضيل المذكور -، والدولة لهارون الرشيد والبرامكة، ثم بعدهم اضطربت الأمور وضعف أمر الدولة بخلافة الأمين رحمه الله، فلما قتل واستخلف المأمون على رأس المائتين نجم التشيع وأبدى صفحته وبزغ فجر الكلام وعربت حكمة الأوائل ومنطق اليونان وعمل رصد الكواكب ونشأ للناس علم جديد مرد مهلك لا يلائم علم النبوة، ولا يوافق توحيد المؤمنين، قد كانت الأمة منه في عافية، وقويت شوكة الرافضة والمعتزلة، وحمل المأمون المسلمين على القول بخلق القرآن، ودعاهم إليه فامتحن العلماء فلا حول ولا قوة إلا بالله، إن من البلاء أن تعرف ما كنت تنكر وتنكر ما كنت تعرف، ويقدم معقول الفلاسفة ويعزل منقول أتباع الرسل، ويمارى في القرآن ويتبرم بالسنن والآثار، وتقع في الحيرة، فالفرار قبل حلول الدمار وإياك ومضلات الأهواء ومجاراة العقول ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم" اهـ. ملخصاً من تذكرة الحفاظ (١ / ٣٢٨ - ٣٢٩) .