إلا أن كلامهم في الرواة قليل، لقلة الحاجة إليه في ذلك الزمان، لأن الرواية تدور على الصحابة وكبار التابعين، والطبقة الوسطى منهم (١) .
ثم نشط المحدثون في المائة الثانية وما بعدها في التنقيب عن أحوال الرواة، وفارقوا الأهل والأوطان، وآثروا الترحال لمشافهة الرواة، والتعرف على أحوالهم عن كثب، ولم يقتصروا على ذلك، بل كانوا يسألون عن أحوال الرواة ويتناقلون الكلام فيهم، ويروونه عن مشايخهم، كما يروون الأحاديث النبوية.
وهكذا نشأ علم الجرح والتعديل بتلك الجهود العظيمة التي بذلها علماء الحديث، وأصبح علماً قائماً بذاته، تفتخر به الأمة الإسلامية على غيرها من الأمم.
وفي الفصل الآتي عرض موجز لأهم تلك الجهود.
(١) انظر: توجيه النظر إلى أصول الأثر لطاهر الجزائري: (ص١١٤) .