للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتقدم قول ابن عباس رضي الله عنهما: " ... فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف" (١) .

وقوله هذا رضي الله عنه كناية عمّا وقع فيه بعض الناس من الفتن والبدع والأهواء السابقة. والإعراض عنهم، وعدم السماع منهم قدح فيهم، لأنهم ليسوا أهلاً للأخذ عنهم.

ومثل هذا القولُ المتقدم عن ابن سيرين رحمه الله: " ... فلما وقعت الفتنة قالوا سَمُّوا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم" (٢) .

وهذا الفعل منهم نظر في أحوال الرواة وتمييز لمن يستحق القبول، فيقبل حديثه، ومن يستحق الرد فيرد حديثه.

وقال التابعي الجليل عروة بن الزبير بن العوام رحمه الله ورضي عن أبيه: "إني لأسمع الحديث أستحسنه، فما يمنعني من ذكره إلا كراهية أن يسمعه سامع فيقتدي به، وذاك أني أسمعه من الرجل لا أثق به، قد حدث عمن أثق به، أو أسمعه من رجل أثق به، عمن لا أثق به، فأدعه لا أحدث به" (٣) .

وهكذا تكلم في الرواة من التابعين أيضاً عامر بن شراحيل الشعبي، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وطاوس بن كيسان وغيرهم (٤) .


(١) تقدم: (ص١٢) .
(٢) تقدم: (ص١٢) .
(٣) رواه ابن عدي في الكامل: (١/٦٦) ، والخطيب البغدادي في الكفاية: (ص٢١٠) - واللفظ له- وإسناده صحيح.
(٤) انظر: الكامل لابن عدي: (١/٦٤-٧٠) ، والكفاية للخطيب البغدادي: (ص٢١٠) ، وذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل للذهبي: (ص١٦٠) .

<<  <   >  >>