للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيُّ: لَمَّا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا اسْتَأْذَنَ مَلَكُ الْمَوْتِ رَبَّهُ أَنْ يَأْتِيَ إِبْرَاهِيمَ فَيُبَشِّرُهُ بِذَلِكَ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: جِئْتُكَ أُبَشِّرُكَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اتَّخَذَكَ خَلِيلًا فَحَمِدَ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - وَقَالَ: "مَا علامةُ ذلك؟ " قال: أَنْ يُجِيبَ الله دعاءك وتحيي الْمَوْتَى بِسُؤَالِكَ، ثُمَّ انْطَلَقَ وَذَهَبَ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} قَالَ: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} قَالَ: {بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} بِعِلْمِي أَنَّكَ تُجِيبُنِي إِذَا دَعَوْتُكَ، وَتُعْطِينِي إِذَا سَأَلْتُكَ، أَنَّكَ اتَّخَذْتَنِي خَلِيلًا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الْآيَةَ {٢٦٢} .

قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَإِنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ صَدَقَةً، فَقَالَ: كَانَ عِنْدِي ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَأَمْسَكْتُ منها لنفسي ولعيالي أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعَةَ آلَافٍ أَقْرَضْتُهَا رَبِّي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيمَا أَمْسَكْتَ وَفِيمَا أَعْطَيْتَ".

وَأَمَّا عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: عَلَيَّ جِهَازُ مَنْ لَا جِهَازَ لَهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَجَهَّزَ الْمُسْلِمِينَ بِأَلْفِ بَعِيرٍ بِأَقْتَابِهَا وَأَحْلَاسِهَا، وَتَصَدَّقَ بِرُومَةَ - رَكِيَّةٍ كَانَتْ لَهُ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ فِيهِمَا هَذِهِ الْآيَةُ.

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَافِعًا يَدَهُ يَدْعُو لِعُثْمَانَ وَيَقُولُ: "يَا رَبِّ إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيتُ عَنْهُ فَارْضَ عَنْهُ" فَمَا زَالَ رَافِعًا يَدَهُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الْآيَةَ.

(١) - قوله تعالى: {يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} الْآيَةَ {٢٦٧} .


(١) - أخرجه الحاكم في "المستدرك" (٢/٢٨٣) وصححه وهو كما قال، ويشهد له:
* ما أخرجه النسائي (فتح القدير: ١/٢٩١) والحاكم (المستدرك: ٢/٢٨٤) والدارقطني (٢/١٣٠ - ح: ١١) والطبراني (المعجم الكبير: ٦/٩٣ - ح: ٥٥٦٧) والبيهقي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم (فتح القدير: ١/٢٩١) عن سهل بن حنيف بمعناه. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي (انظر حاشية جامع الأصول: ٤/٦١٩ والتعليق المغني على الدارقطني: ٢/١٣٠ - ١٣٢) .
* الرواية الآتية:.

<<  <   >  >>