للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم أبرئه إلا لأنه يريد أن يقرضني مائتي مشخص بربح عشرين، وقال لي: هذا ربا لا يصح، ولكن بعني سلعة تساوي عشرين، ثم بعد ذلك أبرئني منها، قلت لك: هذا صريح الربا، والمخادعة لله بلا شك. وكذلك أشباه هذه الصورة.

فالذي يجعل التحيل على بيع الطعام قبل قبضه من المقاصة، أو يجعل بيع السلعة ليوفيه بها حيلة إلى حل ١ كون رأس مال السلم ٢ ديناً، مع تصريحهم بتحريمه بلا هذه الحيلة، اسألوه: ما الفرق بين هاتين الصورتين وبين تلك؟ فإنه لا يجد فرقًا إلا بالمكابرة. وهنا فائدة ينبغي التنبه لها، وهي: أن الحيل على الربا قد نشأتم عليها أنتم ومشايخكم، ويسمونها: التصحيح؛ والأمور التي نشأ الإنسان عليها صعب عليه مفارقتها بالكلية، والاستجابة لله والرسول. وترك مذهب الآباء وما عليه المشايخ أمر عظيم ٣ لا يوافق عليه أكثر الخلق. فأمر الحيل ومسائله مثل أمر الشرك، فكما أنكم لم تفهموا الشرك أول مرة ولا ثانية ولا ثالثة، ولم تفهموه كله إلى الآن، كذلك الحيل، لأجل نشأتكم عليها؛ وتسميتها: التصحيح، تحتاج منكم إلى نظر وفطنة. فأكثروا التدبر لها، والمطالعة والتمثيل، في إغاثة اللهفان، وغيرها. والله أعلم.


١ في طبعة أبا بطين: إلى كون رأس السلم. وفي طبعة الأسد: إلى أجل.
٢ وفي طبعة الأسد: المسلم.
٣ في طبعة الأسد: أنه عظيم وكذا في طبعة أبا بطين.

<<  <   >  >>