للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} ١ الآية. ولما جادل النصارى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألوهية عيسى، واحتجوا عليه بشيء من القرآن، وكذلك الخوارج يستدلون على باطلهم بمتشابه القرآن، وكذلك الذين ضربوا الإمام أحمد يستدلون عليه بشيء من متشابه القرآن. وما أنزل الله: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} ٢، إلا لمِا يعلم من حاجة عباده إليها.

وأما استدلال هذا الجاهل الظالم بقوله: " أحق ما أخذتم عليه أجرًا: كتاب الله " ٣، فجوابه من وجوه:

الأول: أن المؤمنين إذا فسروا شيئًا من القرآن بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وأصحابه، وكلام المفسرين ليس لهم فيه إلا النقل، اشتد نكيرهم عليهم، ويقولون: ٤ القرآن لا يحل لكم تفسيره، ولا يعرفه إلا المجتهدون; وتارة تفتري الكذب وتقول: إن ابن عباس إذا أراد أن يفسره خرج إلى البرية خوفًا من العذاب، وأمثال هذه الأباطيل والخرافات؛ ومرادهم بذلك سد الباب، فلا يفتح ٥ للناس طريق إلى هذا الخير، فيكون نقلنا لكلام المفسرين منكرًا، وتفسيرك كتاب الله على هواك وتحريفك الكلم عن مواضعه حسناً! هذا من أعجب العجاب!

الوجه الثاني: أن هذا لو كان على ما أولته، فهو في الأخذ على كتاب الله، وأنتم متبرئون من معرفة كتاب الله والحكم به، وشاهدون على أنفسكم بذلك.


١ سورة آل عمران آية: ٧.
٢ سورة آل عمران آية: ٧.
٣ البخاري: الطب (٥٧٣٧) .
٤ في طبعة الأسد: (وتقول) ، وكذا في طبعة أبا بطين.
٥ في المخطوطة: بدون فاء.

<<  <   >  >>