للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقلة غنى أنفسهم، وعذاب أبدانهم بأن سلط عليهم الظلم والفقر، وأغرى بينهم العداوة والبغضاء. فإن أعظم الناس تعاديًا هؤلاء الذين ينتسبون إلى المعرفة.

ثم قال تعالى: {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} ١، والعمى نوعان: عمى القلب، وعمى البصر ٢. فهذا المعرض عن القرآن - لما عميت بصيرته في الدنيا عن القرآن - جازاه الله أنْ حشَره يوم القيامة أعمى.

قال بعض السلف: أعمى عن الحجة، لا يقدر على المجادلة بالباطل، كما كان يصنع في الدنيا. {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً} ٣، فذكر الله أنه يقال له: هذا بسبب إعراضك عن القرآن في الدنيا، وطلبك العلم من غيره.

قال ابن كثير في الآية: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي} ٤: أي: خالف أمري وما أنزلته على رسولي، أعرض عنه وتناساه، وأخذ من غيره هداه. {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} ٥: أي: في الدنيا فلا طمأنينة له ولا انشراح ولا تنعم. وظاهره: أن قوماً أعرضوا عن الحق، وكانوا في سعة من الدنيا، فكانت معيشتهم ضنكًا; وذلك أنهم كانوا يرون أن الله ليس مخالفًا لهم معاشهم من سوء ظنهم بالله. ثم ذكر كلامًا طويلاً، وذكر ما ذكرته من أنواع الضنك. والله سبحانه وتعالى أعلم.


١ سورة طه آية: ١٢٤.
٢ في طبعة أبا بطين: (وعمى البصرة) .
٣ سورة طه آية: ١٢٥.
٤ سورة طه آية: ١٢٤.
٥ سورة طه آية: ١٢٤.

<<  <   >  >>