عن الآخر بالذِّكر شمل المعنيين جميعاً، وهذا نظير الإسلام والإيمان، والفقير والمسكين.
٣ جاء في حديث النواس "البرُّ حسن الخلق" وحُسنُ الخُلُق يحتمل أن يكون المراد به خصوص الخلق الكريم المعروف بهذا الاسم، ويكون تفسير البرِّ به لأهميَّته وعظيم شأنه، وهو نظير "الدِّين النصيحة"، و "الحجُّ عرفة"، ويُمكن أن يُراد به العموم والشمول لكلِّ ما هو خير، ويدلُّ عليه وصف أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها لِخُلق الرسول صلى الله عليه وسلم بأنَّه القرآن، والمعنى أنَّه يتأدَّب بآدابه، ويمتثل أوامره، ويجتنب نواهيه.
٤ قوله:"والإثمُ ما حاك في نفسك وكرهت أن يطَّلع عليه الناس"، من الإثم ما يكون واضحاً جليًّا، ومنه ما يحوك في الصدر ولا تطمئنُّ إليه النفس، ويكره الإنسانُ أن يطَّلع عليه الناس؛ لأنَّه مِمَّا يُستحيا من فعله، فيخشى صاحبُه ألسنةَ الناس في نيلهم منه، وهو شبيه بما جاء في الأحاديث الثلاثة الماضية:"فمَن اتَّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"، و "دع ما يريبُك إلى ما لا يريبك"، و "إنَّ مِمَّا أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت".
والإثمُ يُراد به عموم المعاصي الواضحة والمشتبهة، ويأتي مقترناً بالعدوان، كما في قول الله عزَّ وجلَّ:{وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ، فيُفسَّر العدوان بالاعتداء والظلم، فيدخل فيه الاعتداء على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم.
٥ فُسِّر البرُّ في حديث وابصة بما اطمأنَّت إليه النفس واطمأنَّ إليه القلب، ولا يظهر لي فرقٌ بينهما، فقد تكون الجملة الثانية مؤكِّدةً