للجملة الأولى؛ لاتِّفاقهما في المعنى، وفُسِّر فيه الإثم بما يُقابل ذلك، وهو بمعنى ما فُسِّر به الإثم في حديث النواس.
٦ قوله في أول حديث وابصة:"استفت قلبك" وفي آخره: "وإن أفتاك الناس وأفتوك" يدلُّ على أنَّ ما كان فيه شبهة وريبة ولا يطمئنُّ إليه القلب، أنَّ السلامةَ في تركه ولو حصل إفتاء الناس به، والمقصود أنَّ من كان من أهل الإيمان يخاف الله ويتَّقيه فإنَّه لا يُقدِم على الشيء الذي لا يطمئنُّ إليه قلبه، وقد يكون الإفتاء مِمَّن لا علم عنده، وقد يكون مِمَّن عنده علم، ولكن ليس في المسألة دليل بيِّن يُعوَّل عليه في الفعل، أمَّا إذا كان في المسألة دليل من الكتاب والسنَّة فالمتعين المصير إليه، واستفتاء القلب لا يكون من أهل الفجور والمعاصي؛ فإنَّ من أولئك مَن قد يُجاهر بالمعاصي ولا يستحيي من الله ولا من خلقه، فمثل أولئك يقعون في الحرام البيِّن، ومن باب أولى المشتبه.
٧ ما جاء في حديث وابصة من إخبار النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم له بالذي جاء يسأل عنه قبل أن يُبدي سؤاله محمول والله أعلم على علم سابق للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم باهتمام هذا الصحابيِّ بمعرفة البرِّ والإثم، فلعلَّه حصل له مراجعة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من قبل في شيء من ذلك.
٨ مِمَّا يُستفاد من الحديث:
١ بيان عظم شأن حسن الخلق.
٢ أنَّ البرَّ والإثمَ من الكلمات الجامعة.
٣ أنَّ المسلمَ يُقْدِم في أمور دينه على فعل ما هو واضح الحلِّ دون ما هو مشتبه.