للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعاني المقصودة وإيصالها إلى قلوب السامعين بأحسن صورة من الألفاظ الدَّالة عليها، وأفصحها وأحلاها للأسماع وأوقعها في القلوب".

وقد وصف الله المؤمنين بوجل قلوبهم وذرف عيونهم عند ذكر الله، قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} ، وقال: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ}

٢ قوله: "قلنا: يا رسول الله! كأنَّها موعظة مودِّع فأوصنا"أي: أنَّ هذه الوصية تشبه موعظة المودِّع، لذا فقد طلب الصحابة الكرام وهم الحريصون على كلِّ خير وصيَّة جامعة يعهد بها إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتمسَّكون بها ويُعوِّلون عليها؛ لأنَّ الوصيَّة عند الوداع لها وقع في النفوس، ولعلَّ هذه الموعظة كان فيها ما يشعر بالتوديع، لذا طلبوا هذه الوصيَّة.

٣ قوله: "أوصيكم بتقوى الله"، تقوى الله عزَّ وجلَّ أن يجعل المرء بينه وبين غضب الله وقاية تقيه منه، وذلك بفعل الطاعات واجتناب المعاصي، وتصديق الأخبار، وهي وصيَّة الله للأولين والآخرين، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} ، وهي سبب كلِّ خير وفلاح في الدنيا والآخرة، ويأتي الأمر بتقوى الله في كثير من الآيات، لا سيما الآيات المبدوءة ب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ، وكذلك في وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه.

٤ قوله: "والسمع والطاعة وإن تأمَّر عليكم عبد" وهي وصيَّة بالسمع والطاعة لولاة الأمور في غير معصية الله، ولو كان الأمير عبداً،

<<  <   >  >>