وقد أجمع العلماء على أنَّ العبدَ ليس أهلاً للخلافة، ويُحمل ما جاء في هذا الحديث وغيره من الأحاديث في معناه على المبالغة في لزوم السمع والطاعة للعبد إذا كان خليفة، وإن كان ذلك لا يقع، أو أنَّ ذلك يحمل على تولية الخليفة عبداً على قرية أو جماعة، أو أنَّه كان عند التولية حرًّا، وأُطلق عليه عبد باعتبار ما كان، أو على أنَّ العبدَ تغلَّب على الناس بشوكته واستقرَّت الأمور واستتبَّ الأمن؛ لِمَا في منازعته من حصول ما هو أنكر من ولايته.
٥ قوله:"فإنَّه مَن يعِش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً"، هذا من دلائل نبوَّته صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر عن أمر مستقبَل وقع طبقاً لِمَا أخبر به صلى الله عليه وسلم؛ فإنَّ الذين طالت أعمارُهم من أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أدركوا اختلافاً كثيراً ومخالفة لِمَا كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وذلك بظهور بعض فرق الضلال، كالقدرية والخوارج وغيرهم.
٦ قوله:"فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين، عضُّوا عليها بالنَّواجذ"، لَمَّا أخبر صلى الله عليه وسلم بحصول التفرُّق وكثرته، أرشد إلى طريق السلامة والنجاة، وذلك بالتمسُّك بسنَّته وسنَّة خلفائه الراشدين، وخلفاؤه الراشدون هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافتَهم بأنَّها خلافةُ نبوَّة، كما جاء في حديث سفينة رضي الله عنه:"خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي اللهُ الملكَ أو ملكَه من يشاء" رواه أبو داود (٤٦٤٦) وغيرُه، وهو حديث صحيح، أورده الألباني في السلسلة الصحيحة (٤٦٠) ، ونقل تصحيحه عن تسعة من العلماء، قال ابن رجب (٢/١٢٠) : "والسنَّة هي الطريقة المسلوكة، فيشمل ذلك التمسُّك بما كان عليه هو وخلفاؤه الراشدون من