{وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} ، ويدلُّ أيضاً على أنَّ الأعمالَ الصالحة سببٌ في دخول الجنَّة، وقد جاء في ذلك آياتٌ كثيرة، منها قول الله عزَّ وجلَّ:{وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ، وقوله:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، وذلك لا يُنافي ما جاء في الحديث:"لن يدخل أحدكم بعمله الجنَّة، قالوا: ولا أنت يا رسول الله! قال: ولا أنا، إلاَّ أن يتغمَّدني الله برحمة منه" رواه البخاري (٦٤٦٣) ، ومسلم (٢٨١٦) ، فإنَّ الباءَ في الحديث للمعاوضة، وفي الآيات للسببية، ودخول الجنَّات ليس عوضاً عن الأعمال، وإنَّما الأعمال الصالحة أسباب لها، والله عزَّ وجلَّ تفضَّل بالتوفيق للسبب، وهو العمل الصالح، وتفضَّل بالجزاء الذي هو دخول الجنَّة، فرجع الفضل في السبب والمسبب إلى الله سبحانه وتعالى.
٢ قوله:"لقد سألت عن عظيم، وإنَّه ليسير على مَن يسَّره الله تعالى عليه"، فيه بيان عظيم منزلة هذا السؤال وأهميَّته والتشجيع على مثله؛ حيث وصف الرسول صلى الله عليه وسلم المسئول عنه فيه بأنَّه عظيم، ومع عظمه ومشقَّة الإتيان به فقد أتبعه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بما يُبيِّن سهولته ويُسرَه على مَن يسَّره الله عليه، وهو يدلُّ على أنَّ المسلمَ يصبر على الطاعات ولو شقَّت على النفوس؛ لأنَّ عاقبة الصبر حميدة، وقد قال الله عزَّ وجلَّ:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} ، وقال صلى الله عليه وسلم:"حُفَّت الجنَّة بالمكاره، وحُفَّت النَّار بالشهوات" رواه البخاري (٦٤٨٧) ، ومسلم (٢٨٢٢) .
٣ قوله:"تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت"، بيَّن النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ أهمَّ شيء