أبو بكر ابن السمعاني: هذا الحديث أصل كبير من أصول الدِّين، قال: وحُكي عن بعضهم أنَّه قال ليس في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثٌ واحد أجمعَ بانفراده لأصول العلم وفروعِه من حديث أبي ثعلبة، قال: وحُكي عن واثلة المزني أنَّه قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الدِّين في أربع كلمات، ثم ذكر حديث أبي ثعلبة، قال ابن السمعاني: فمَن عمل بهذا الحديث فقد حاز الثواب، وأمن العقاب؛ لأنَّ مَن أدَّى الفرائضَ، واجتنب المحارمَ، ووقف عند الحدود، وترك البحث عما غاب عنه، فقد استوفى أقسامَ الفضل، وأوفى حقوق الدِّين؛ لأنَّ الشرائعَ لا تخرج عن هذه الأنواع المذكورة في هذا الحديث، انتهى".
٣ قوله: "إنَّ الله فرض فرائض فلا تضيِّعوها"، أي: أوجب أشياء وجعل فرضها حتماً لازماً، كالصلاة والزكاة والصيام والحجِّ، فيجب على كلِّ مسلم الإتيان بها كما أمر الله، دون ترك لها أو حصول إخلال في فعلها.
٤ قوله: "وحدَّ حدوداً فلا تعتدوها"، أي: شرع أموراً هي واجبة أو مستحبَّة أو مباحة، فلا يتجاوز تلك الحدود إلى غيرها، فيقع في أمر حرام، وذلك كالمواريث التي بيَّنها الله عزَّ وجلَّ في كتابه، فلا يجوز لأحد أن يتعدَّاها وأن يأتي بقسمة تخالفها، وتأتي الحدود مراداً بها ما حرَّم الله، فيكون الواجب على المسلم أن لا يقرَبها، كما قال الله عزَّ وجلَّ:{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا}
٥ قوله: "وحرَّم أشياء فلا تنتهكوها"، أي: أنَّ ما حرَّمه الله لا يجوز للمسلمين أن يقعوا فيه، بل يتعيَّن عليهم تركه، كما قال صلى الله عليه وسلم: "ما نهيتُكم عنه فاجتنبوه".