للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٦ قوله "وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان، فلا تبحثوا عنها"، أي: هناك أمور لم يأت النصُّ عليها في الكتاب والسنَّة، فلا يُشتغل في البحث عنها والسؤال عنها، وذلك مثل السؤال عن الحجِّ في كلِّ عام الذي أنكره الرسول صلى الله عليه وسلم على السائل، وقال: "ذروني ما تركتكم؛ فإنَّما أهلك مَن كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم"، وكالسؤال عن تحريم شيء لم يحرم، فيترتَّب عليه التحريم بسبب السؤال، كما ثبت بيان خطورته في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد زمنه صلى الله عليه وسلم لا يسأل الأسئلة التي فيها تنطُّع وتكلُّف، والمعنى سكت عن أشياء فلم يفرضها ولم يوجبها ولم يحرمها، فلا يُسأل عنها، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ}

قال ابن رجب (٢/١٦٣) : "وأمَّا المسكوتُ عنه، فهو ما لم يُذكر حكمُه بتحليل ولا إيجاب ولا تحريم، فيكون معفوًّا عنه لا حرج على فاعله، وعلى هذا دلَّت هذه الأحاديث المذكورة ههنا، كحديث أبي ثعلبة وغيره".

٧ مِمَّا يُستفاد من الحديث:

١ أنَّ من شريعة الله ما هو فرض لازم، يجب فعله وعدم إضاعته.

٢ أنَّه يجب الوقوف عند الواجبات والمستحبَّات والمباحات، فلا تتجاوز إلى المحرَّمات.

٣ أنَّ كلَّ ما حرَّمه الله يتعيَّن على المسلم تركه والابتعاد عنه.

٤ أنَّ ما لم يأت فيه تحريم ولا تحليل فهو عفوٌ لا يُسأل عنه.

<<  <   >  >>