١ قوله:"إنَّ الله ورسوله حرَّم"، جاء لفظ الفعل" حرَّم"بالإفراد، وجاء بالتثنية، وجاء"إنَّ الله حرَّم"، وجاءت التثنية في الضمير الذي يعود إلى الله ورسوله في حديث:"ثلاث مَن كنَّ فيه وجد بهنَّ حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مِمَّا سواهما ... " الحديث أخرجه البخاري (١٦) ، ومسلم (٦٧) ، وعلى هذا يُحمل ما جاء هنا من إفراد الفعل"حرَّم"على أنَّه يعود إلى الرسول
صلى الله عليه وسلم، ويكون التحريم المضاف إلى الله محذوفاً، والتقدير: إنَّ الله حرَّم ورسوله حرَّم، وهو نظير قول الله عزَّ وجلَّ:{وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} ، أي: والله أحقُّ أن يُرضوه، ورسوله أحقُّ أن يرضوه، ومثله قول الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما عن دك راض والرأي مختلفُ
أي: نحن بما عندنا راضون، وأنت بما عندك راض.
٢ بيَّن جابر رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرِّم هذه الأشياء عام الفتح بمكة، ويكون هذا البيان في هذا الوقت وفي هذا المكان بمناسبة دخول الكفار في الإسلام، وهم يتعاطون هذه المحرَّمات، فأعلمهم أنَّها حرام، وهذا لا يمنع أن يكون تحريمها قد حصل من قبل.
٣ الأول من هذه المحرَّمات الأربع الخمر، وهي أمُّ الخبائث؛ لأنَّ شاربَها يسعى بشربها لإلحاق نفسه بالمجانين، فيحصل نتيجة لذلك أنَّه يقع في كلِّ حرام، وقد يكون من ذلك الاعتداء على المحارم، وهي تجلب كلَّ شرٍّ وتوقع في كلِّ بلاء، ولهذا أُطلق عليها أمُّ الخبائث.
والثانية الميتة، فيحرم أكلها إلاَّ لضرورة إبقاء الحياة حيث لا يجد