٣ قال ابن رجب في جامع العلوم الحكم (١/٣٨١ ٣٨٢) : "وهذا الحديث يدلُّ على وجوب الإحسان في كلِّ شيء من الأعمال، لكن إحسان كلِّ شيء بحسبه، فالإحسانُ في الإتيان بالواجبات الظاهرة والباطنة الإتيانُ بها على وجه كمال واجباتها، فهذا القدر من الإحسان فيها واجب، وأمَّا الإحسان فيها بإكمال مستحبَّاتها فليس بواجب، والإحسانُ في ترك المحرَّمات، الانتهاءُ عنها وتركُ ظاهرها وباطنها، كما قال تعالى:{وَذَرُوا ظَاهِرَ الْأِثْمِ وَبَاطِنَهُ} ، فهذا القدرُ من الإحسان فيها واجبٌ، وأمَّا الإحسانُ في الصبر على المقدورات، فأن يأتي بالصبر عليها على وجهه، من غير تَسَخُّط ولا جَزَعٍ، والإحسانُ الواجب في معاملة الخَلق ومعاشرتهم، القيامُ بما أوجب الله من حقوق ذلك كلِّه، والإحسان الواجب في ولاية الخَلق وسياستهم، القيامُ بواجبات الولاية كلِّها، والقدرُ الزائد على الواجب في ذلك كلِّه إحسانٌ ليس بواجب، والإحسان في قتل ما يَجوز قتله من الناس والدَّواب، إزهاقُ نفسه على أسرع الوجوه وأسهلِها وأوحاها يعني أسرعها من غير زيادة في التعذيب، فإنَّه إيلامٌ لا حاجة إليه، وهذا النوعُ هو الذي ذكره النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، ولعلَّه ذكَره على سبيل المثال، أو لحاجته إلى بيانه في تلك الحال، فقال: "إذا قتلتم فأحسنوا القِتْلة، وإذا ذبَحتم فأحسنوا الذِّبحة"، والقِتلةُ والذِّبحة بالكسر، أي: الهيئة، والمعنى: أحسنوا هَيئة الذَّبح وهيئةَ القتل، وهذا يدلُّ على وجوب الإسراعِ في إزهاق النفوس التي يُباح إزهاقُها على أسهل الوجوه".
٤ الإحسانُ في القتل مطلوب بدون تعذيب أو تمثيل، سواء كان في قتال الكفار أو القتل قصاصاً أو حدًّا، إلاَّ أنَّه عند القتل قصاصاً يُفعل