للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقع وفقاً لِمَا قُدِّر، وهذه الجُمَل فيها إثبات الإيمان بالقدر، وهو أحد أصول الإيمان الستة المبيًَّنة في حديث جبريل المشهور.

٥ قوله: "تعرَّف إلى الله في الرَّخاء يعرفك في الشدَّة"، المعنى: أنَّ مَن أخلصَ عملَه لله في حال رخائه وسعته يجدُ الخيرَ من الله، ودَفْعَ الضرِّ عنه في حال شدَّته وكربه، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} ، وقال: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} ، وكما في قصَّة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار، فانحدرت صخرةٌ وسدَّت باب الغار، وتوسَّلوا إلى الله عزَّ وجلَّ بأعمال لهم صالحة عملوها في حال رخائهم، فتوسَّل أحدُهم ببرِّه والديه، وتوسَّل الثاني بحفظه للأمانة وتنميتها وردِّها لصاحبها، وتوسَّل الثالث بتركه الفاحشة من أجل الله بعد قُدرته عليها، فكشف الله ما بهم من كرب، وأزال ما حلَّ بهم من ضرر، فتزحزحت الصخرةُ حتَّى تمكَّنوا من الخروج من ذلك الغار، رواه البخاري (٥٩٧٤) ، ومسلم (٢٧٤٣) .

٦ قوله: "واعلم أنَّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليُخطئك"، المعنى: أنَّ ما قدَّر الله سلامتك منه فإنَّه لا يحصل لك، وما قدَّر حصوله لك فلا بدَّ من وقوعه؛ لأنَّه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وكلُّ شيء قدَّر الله حصولَه لا بدَّ أن يوجد ولا يتخلَّف، وكلُّ شيء لم يُقدَّر لك، لا سبيل إلى حصولك عليه ووصولك إليه.

٧ قوله: "واعلم أنَّ النَّصرَ مع الصبر، وأنَّ الفرَج مع الكرب، وأنَّ مع العُسر يسراً"، في هذه الجُمل الثلاث بيان حصول النصر مع الصبر، والفرَج مع الكرب، واليُسر مع العُسر، وأنَّ الصبرَ ينتجُ عنه النَّصر بإذن الله،

<<  <   >  >>