للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخرجه مسلم وأبو داود١، والتولة بكسر التاء وفتح اللام شيء يصنعونه على أنواع شتى واختراعات متفرقة وتفننات مختلفة من أنواع السحر الذي من فعله ليس له في الآخرة من خلاق.

واعلم أن الله جعل للسحر تأثيراً؛ فتنة واستخباراً ليميز الخبيث من الطيب ومؤثر الدنيا من مؤثر الآخرة، والعاصي من المطيع، والسحر لغة: كل ما لطف مأخذه ودق، وفي الاصطلاح: ما يحدث بخوارق العادات والأمور المستنكرات ويأتي بيانها في الجملة في باب السحر ومنه ما يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى امرأته جهلاً بالله وبكتابه المنزل على رسوله المرسل، لأن الزاعم لو علم أنه لا يحرك محرك ولا يسكن ساكن ولا يقع أمر من المحبة والعداوة إلا بإذن الله وحوله وقوته ما تعلق بغير الله لاسيما بأمور قد نهى الله عنها ولا تني عنهم شيئاً، ولو علم قوله تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} . [الأنعام: ١٧] . ما تعلق بغيره، وفي الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، فإن العباد لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله تعالى لك لم يقدروا على ذلك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله تعالى عليك لم يقدروا على ذلك" ٢ الحديث، فكيف يتصور عليك من مؤمن صادق بهذه الآية وأشباهها وهذا الحديث وأمثاله ثم يريد نفعاً أو ضراً من غير الله لاسيما من المنهيات، بلى من يدعي الإيمان


١ أخرجه مسلم (٢٢٠٠) من حديث عوف بن مالك مرفوعاً.
٢ أخرجه الترمذي (٢٥١٦) ، وأحمد (١/٣٠٢ و٣٠٧) من حديث ابن عباس مرفوعاً، وللحديث طرق أخرى.

<<  <   >  >>