للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ السَّلَامِ الشَّامِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا, قَالَ: أَهْدَتْ فَارِسُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً شَهْبَاءَ١ مُلَمْلَمَةً٢، فَكَأَنَّهَا أَعْجَبَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَدَعَا بِصُوفٍ وَلِيفٍ, فَمَحَلْنَا لَهَا رَسَنًا٣ وَعِذَارًا٤، ثُمَّ دَعَا بِعَبَاءَةٍ خَلِقٍ, فَثَنَّاهَا، ثُمَّ رَبَّعَهَا, وَوَضَعَهَا عَلَيْهَا، ثُمَّ رَكِبَ, فَقَالَ: "ارْكَبْ يَا غُلَامُ" يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ، فَرَكِبْتُ خَلْفَهُ، فَسِرْنَا حَتَّى حَاذَيْنَا بَقِيعَ الْغَرْقَدِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى مَنْكِبِي الْأَيْسَرِ، وَقَالَ: "يَا غُلَامُ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، وَلَا تَسْأَلْ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا تَحْلِفْ إِلَّا بِاللَّهِ تَعَالَى، جَفَّتِ الْأَقْلَامُ, وُطُوِيَتِ الصُّحُفُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِغَيْرِ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكَ, مَا اسْتَطَاعُوا ذَلِكَ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, وَكَيْفَ لِي بِمِثْلِ هَذَا مِنَ الْيقِينِ حَتَّى أَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا؟، قَالَ: "تَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ, وَمَا أَخْطَأَكَ لم يكن ليصيبك".


١ الشهب، محركة: بياض يصدعه سواد: القاموس.
٢ الململم، بفتح لاميه: المجتمع المدور المضموم: القاموس.
٣ الرسن، محركة: الحبل، وما كان من زمام على أنف: القاموس.
٤ العذار من اللجام: ما سال على خد الفرس: القاموس.

<<  <   >  >>