والتسليم، وملخص هذه المقالة يقول:"إن الأحاديث لم تكتب في عهده صلى الله عليه وسلم كما هو الشأن بالنسبة للقرآن، حيث لم يأمر صلى الله عليه وسلم بذلك، بل إن الأمر تعدى ذلك إلى النهي والأمر بمحو ما كُتب منها، وأن الأمر استمر على ذلك في عصر الصحابة والتابعين، فظلَّت الأحاديث تنقل شفاهاً لمدة مائة عام أو أكثر، حتى جاء الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز على رأس المائة الأولى، فأمر بتدوينها، فكان أول من دوَّن الحديث ابن شهاب الزهري (ت ١٢٤هـ) ، وقد أدَّى عدم تقييد السنة هذه الفترة الطويلة إلى احتمال ضياع كثيرٍ منها، واحتمال حصول الخطأ والنسيان، أو التبديل والتغيير فيها، مما يورث عدم الاعتماد عليها والاحتجاج بها"،
والجواب عن هذه الشبهة في عدة نقاط:
* أولا: أن إنكار تقييد الحديث وكتابته في عهده صلى الله عليه وسلم لا يمكن، حيث إنه قد تعددت الأحاديث والروايات وكثرت، مما يبلغ بها درجة التواتر المفيد للعلم القطعي اليقيني في إثبات وقوع الكتابة للأحاديث في عهده صلى الله عليه وسلم، وقد كان ذلك آخر الأمرين منه صلى الله عليه وسلم، بعد أن كان ينهى عن كتابتها في أول الإسلام خشية اختلاطها بالقرآن.
* ثانياً: أن الحكمة في أمره صلى الله عليه وسلم بكتابة القرآن دون الحديث؛ لأن المقصود بالحديث هو المعنى، ولا يتعلق في الغالب حكمٌ بالمبنى، بخلاف القرآن، فإن لألفاظه مدخلاً في الإعجاز، فلا يجوز إبدال لفظٍ منه بلفظٍ آخر، ولو كان مرادفاً، بل لا يجوز إبدال حرف منه بحرف آخر؛ لأن الله عز وجل قد تعبدنا بتلاوة لفظه في الصلاة وغيرها، علاوةً على أن ترتيب الآيات ووضع بعضها بجانب بعض أمرٌ توقيفي منه صلى الله عليه وسلم، وقد كان القرآن ينزل منجماً بحسب