لذا نشط الصديق في مقاومتها من أول يوم وتأهب للقتال وأعد عدته، ونازلهم حتى أصاخوا لحكم ربهم واستجابوا لأبي بكر رضوان الله تعالى عليه، فدخلوا الإسلام وأدوا الزكاة فانتظم أمر الدعوة واستقرت الأمور وعادت الحياة آمنة، وصفا الجو العلمي للصحابة فاستكمل صغارهم علومهم ومعارفهم كما أرادوا، ونهل التابعون من علوم الصحابة التي حملتها إليهم صدورهم الأمينة وحوافظهم القوية وبعض صحائفهم العزيزة التي كانت تؤلف روافد صافية إلى منابع السنة الشريفة.
وهكذا سارت الحياة رخاء طيبة، في عهد الخليفتين أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- حتى كانت الخلافات التي بدأت تبرق شرارتها حين أخذت فئة على سيدنا عثمان رضي الله عنه بعض الأمور، ومن ذلك الوقت تسربت الفتنة بين الناس وتولى كبرها عبد الله بن سبأ اليهودي، حتى انتهت بمقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه، ومن هنا بدأت تتسعر نار الفتنة التي أطاحت بكثير من الصحابة.
ووسط هذا الجو الخانق تولَّى علي رضي الله عنه الخلافة فكان أول صدام واجهه على أثر مطالبة معاوية بدم عثمان - تلك المعارك التي أصابت سير الحياة بهزات عنيفة وفرقت المسلمين، "وانتهت بمعركة صفين التي كان على أثرها تفرق أصحاب علي إلى خوراج وشيعة"(١) .
أما الشيعة فهم الذين يرون أن الخلافة يجب أن تكون في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قرروا أنها حق لعلي بن أبي طالب ثم لأولاده بالوراثة من بعده.