أجمع فقهاء المسلمين قديماً وحديثاً من لدن الصحابة رضوان الله عليهم إلى يومنا هذا إلا من شذَّ من بعض الطوائف على الاحتجاج بها وعدِّها المصدر الثاني للدين بعد القرآن الكريم، فيجب اتباعها، وتحرم مخالفتها. وقد تضافرت الأدلة القطعية على ذلك، فأوجب الله سبحانه على الناس طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وبيَّنَ أنه صلى الله عليه وسلم هو المبيِّن لما أنزل من القرآن، وذلك بعد أن عصمه من الخطأ والهوى في كل أمر من الأمور {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}[النجم:٣-٥] . كما عصمه من الناس حين أمره بتبليغ ما أنزل إليه قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[المائدة الآية:٦٧] .
فهو إذاً قد مَهَّد لرسوله صلى الله عليه وسلم طريق الدعوة، وذلَّلَ له مهمة تبليغها، فبَيَّنَ سبحانه وتعالى للناس ما يأتي:
أولاً: وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يبين للناس كتابَ ربهم سبحانه وتعالى. وهذان الأمران متلازمان في إثبات حجية السنة؛ لأن الله تعالى