قام أعداء الإسلام يعملون في ظلام الفرقة التي دبت بين المسلمين على أثر قتل الخليفة الثالث سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه حين افترق المسلمون فرقاً وأحزاباً ما بين شيعة وخوارج وجمهور، وساعدهم على ذلك اتساع البلاد، فوجدوا المناخ ملائماً لبث سمومهم ودسِّ أكاذيبهم، وبعد أن انقضى عهد الخلافة الراشدة وافترق المسلمون إلى فرق، ظهر أرباب الكذب والنفاق من الملل الأخرى يكذبون ويلفقون ويضعون الأحاديث، فكان ظهور الوضع في الحديث أهم الأسباب التي حفزت همم العلماء لتدوينه وتصنيفه صيانة له من الأيدي العابثة، يقول الإمام الزهري:"لولا أحاديث تأتينا من قبل المشرق ننكرها لا نعرفها ما كتبت حديثاً ولا أذنت في كتابته"(١) .
ولم يكن ذلك الوقت الذي ازداد فيه نشاط العلماء في الجمع والتدوين هو مبدأ زمن التدوين وإنما بدأت كتابة الحديث منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم بصورة خاصة وغير رسمية. فالسنة النبوية لم تبق مهملة طوال القرن الأول إلى عهد عمر بن عبد العزيز، وإنما كانت تكتب كتابة فردية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين، وحفظت في الكراريس والصحف بجانب حفظها في الصدور، حيث كانت توجد بعض الصحائف التي