للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فلا يحسب المرء المسلم أن النهي عن اتخاذ القبور أعياداً وأوثاناً غض من أصحابها، بل هو من باب إكرامهم، وذلك أن القلوب إذا اشتغلت بالبدع أعرضت عن السنن (١) فتجد أكثر هؤلاء العاكفين على القبور معرضين عن سنة ذلك المقبور وطريقته، مشتغلين بقبره عما أمر به ودعا إليه، ومن كرامة الأنبياء والصالحين أن يتبع ما ادعوا إليه من العمل الصالح؛ ليكثر أجرهم بكثرة أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء" (٢) .

وإنما اشتغلت طوائف من الناس بنوع من العبادات المبتدعة، لإعراضهم عن المشروع أو بعضه، وإلا فمن أقبل على الصلوات الخمس بوجهه وقلبه؛ عاقلاً لما اشتملت عليه من الكلم الطيب والعمل الصالح؛ فاهتم بها كل

الاهتمام، أغنته عن كل ما يتوهم فيه خير من جنسها، ومن/أصغى إلى كلام الله ورسوله بعقله وتدبره بقلبه، وجد فيه من الفهم والحلاوة والبركة والمنفعة ما لا يجده في شيء من الكلام، ومن اعتاد الدعاء المشروع في أوقاته (٣) ، كالأسحار وإدبار الصلوات والسجود أغناه عن كل دعاء مبتدع، فعلى العاقل أن يجتهد في اتباع السنة في كل شيء، فإنه من يتحر الخير يعطه ومن يتق (٤) الشر يوقه) .


(١) في هامش: (الأصل) : "هنا تأمل فرحمة الله عليه من عالم".
(٢) وتمامه" ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من
آثامهم شيئاً"
أخرجه مسلم كتاب"العلم" باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعى إلى هوى أو
ضلالة: (ح/٢٦٧٤) .
(٣) في "ش": "في أوقات الأسحار".
(٤) في "الاقتضاء": "يتوق".

<<  <   >  >>