للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونحو ذلك، وهذا ونحوه لم يأمر الله به ولا رسوله، ولا استحبه أحد من أئمة

المسلمين ولا كان أحد من السلف يفعله لا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا عند قبر غيره، بل أجدبوا واستسقوا، ولم يكونوا يأتون عند النبي صلى الله عليه وسلم يدعون عنده لا في ذلك الوقت ولا غيره، بل ثبت في "الصحيح": "أنهم لما أجدبوا في خلافة عُمر رضي الله عنه استسقوا بالعباس، فقال عمر: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون" (١) ، وكانوا في حياته يتوسلون إلى الله (٢) بدعائه وشفاعته، فلما مات صلى الله عليه وسلم بقوا يتوسلون بدعاء العباس، ولم يكونوا يقسمون على الله بأحد من خلقه؛ لا نبي ولا غيره؛ ولا يسألون ميتاً ولا غائباً ولا يستعينون بميت (٣) ولا غائب، سواء كان نبياً أو غير نبي. وهذا لأن جماع الدين أن لا يعبد إلا الله، وأن لا يعبد إلا بما شرع لا يعبد بالبدع، كما قال الفضيل بن عياض في قوله (٤) عز وجل: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ


(١) أخرجه البخاري في "الاستسقاء" باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا:
(ح/١٠١٠) ، وأيضاً في "فضائل الصحابة" باب ذكر العباس بن عبد المطلب:
(ح/٣٧١٠) .
قال ابن حجر في "الفتح": (٢/٥٧٧) "وقد بيَّن الزبير بن بكار في الأنساب صفة ما دعا
به العباس في هذه الواقعة والوقت الذي وقع فيه ذلك فأخرج بإسناد له أن العباس لما
استسقى به عمر قال: "اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة وقد توجه القوم
بي إليك لمكاني من نبيك وهذه أيدينا إليك بالذنوب وتواصينا إليك بالتوبة فأسقنا الغيث
فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصب الأرض وعاش الناس"ا. هـ.
(٢) سقطت "إلى الله"من: "م" و "ش".
(٣) في "ش": ولا يستغيثون".
(٤) في "م" و "ش": "قول الله".

<<  <   >  >>