إذ التقدير لا من إله، ولهذا كانت نصا في العموم، كأنه قد نفى كل إله غيره عز وجل من مبدأ ما يقدر منها إلى ما لا نهاية له، بني الاسم معها للتركيب، وذهب الزجاج إلى أن اسمها معرب منصوب بها، وإذا فرعنا على المشهور من البناء فموضع الاسم نصب ب"لا" العاملة عمل "إن"، وقال الأخفش:"لا" هي العاملة فيه.
ونقل السنوسي كلاما قال: قال أهل العلم: إن الاسم المعظم في هذا التركيب يرفع، وهو الكثير ولم يأت في القرآن غيره، وقد ينصب، فالرفع بالبدلية أو على الخبرية، فالقول بالبدلية هو المشهور، وهو رأي ابن مالك، ثم الأقرب أن يكون البدل من الضمير المستتر في الخبر المقدر، أما القول بالخبرية في الاسم المعظم فقد قال به جماعة.
ومن البسيط الوافي:"لا إله إلا الله" الأصل فيه: الله إله، فلما أريد قصر الخبر على المبتدأ، وهو من قصر الصفة على الموصوف، قدم الخبر فاقترن بإلا لأن المقصور عليه هو الذي يلي إلا، والمقصور هو الواقع في سياق النفي.
ومن القواعد: أن المبتدأ إذا اقترن بإلا وجب تقديم الخبر.
والله مرفوع على أنه بدل من اسم "لا" حملا على محله البعيد الذي هو الرفع بالابتداء الحاصل بالتحويل إليه بعد التقديم وقبل اعتبار النسخ، والتقدير: لا إله موجود في الوجود إلا الله، وهذا هو التقدير المشهور.
فصل
معنى كلمة التوحيد
وأما معنى هذه الكلمة فلا تتسع له هذه الرسالة، لكن لا تخل ببعضه والله المستعان.
فلا شك أنها محتوية على نفي وإثبات، فالمنفي كل فرد من أفراد حقيقة الإله غير مولانا عز وجل والمثبت من تلك الحقيقة فرد واحد، وهو مولانا عز وجل وأتي بإلا لقصر حقيقة الإله على الله تعالى-، وهو الواجب الوجود المستحق للعبادة، المعبود بحق، وهو الخالق المستغني عن كل ما سواه، المفتقر إليه كل من عداه. انتهى كلام صاحب فاكهة القلوب ملخصا.