للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَلا مَرَدَّ لَهُ} ١

وقوله تعالى: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً} ٢ الآيتين.

ومن الثاني قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} ٣ وقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} ٤ كقوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} ٥ وكقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} ٦ وكقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ} ٧ فإن إرادة الله في هذه الآية متضمنة لمحبة الله، فذلك المراد رضاه به، وأنه شرعه للمؤمنين وأمرهم به ليس في ذلك خلف هذا المراد، ولا أنه قضاؤه وقدره.

والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية قال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "٨ فطلب من الله تعالى إذهاب الرجس والتطهير عنهم ٩.

فلو كانت الآية تقتضي إخبار الله بأنه أذهب عنهم الرجس وطهرهم لم يحتج إلى الطلب والدعاء، وهذا على قول القدرية أظهر، فإن إرادة الله تعالى عندهم لا تتضمن وجوب المراد، بل قد يريد ما لا يكون ويكون ما لا يريد، فليس في قوله تعالى: {يُرِيدُ} ١٠ ما يدل على وقوعه.

ومن العجب أن الشيعة يحتجون بهذه الآية على عصمة أهل البيت، ومذهبهم في القدر من جنس مذهب القدرية الذين يقولون: إن الله قد أراد إيمان كل من على وجه الأرض، فلم يقع مراده.

الإرادة في كتاب الله

وأما على قول أهل السنة والتحقيق فما تقدم، وهو أن يقال: الإرادة في كتاب الله تعالى نوعان: إرادة شرعية دينية تتضمن محبته ورضاه، وإرادة كونية


١ سورة الرعد آية: ١١.
٢ سورة القصص آية: ٥.
٣ سورة النساء آية: ٢٦، ٢٧.
٤ سورة الأحزاب آية: ٣٣.
٥ سورة المائدة آية: ٦.
٦ سورة البقرة آية: ١٨٥.
٧ سورة النساء آية: ٢٦.
٨ الترمذي: تفسير القرآن "٣٢٠٥".
٩ كذا في الأصل ولعل أصله الصحيح: إذهاب الرجس عنهم والتطهير لهم.
١٠ سورة النساء آية: ٢٦.

<<  <   >  >>