ومعلوم أن من أهم عوامل نجاح الدعوة إلى الله - تعالى - أن يألف الناس الداعية ويحبوه، وذلك من خلال فهمه لدين الله - تعالى - وطريقته لنقل هذا الدين بالصورة التي أرادها الله - تعالى - ورسوله عليه الصلاة والسلام، وهو أمر ضروري في الدعوة، فإن كان الداعية ممن ينتهجون السماحة والسعة في تبليغ الإسلام ومبادئه، ولا يحمل الناس فوق طاقاتهم كما كان يفعل الرسول عليه الصلاة والسلام، فإنه على خير ودعوته تسير نحو النجاح والتوفيق، وأما إذا شدد على الناس وكلفهم بما لا يطيقون، كأن ينكر عليهم كل شيء ولو كان مباحًا، ويحرم عليهم ما لم يحرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن هذا الداعية إنما ينفخ في الهواء ويسير نحو الفشل المؤكد، لأنه بذلك خالف الشرع وطبائع البشر، وتجاهل فطرهم ورغباتهم وحاجاتهم، وتقول أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - بكل وضوح:«ما خُيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه»(١) .
(١) صحيح البخاري، رقم٣٥٦٠، ص٥٩٧. ورواه مسلم في صحيحه برقم٦٠٤٥، ص١٠٢٦.