للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فلينظر الدعاة الذين يخالطون الناس ويعلمونهم أمور دينهم إلى هذا الموقف العظيم للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو القدوة والأسوة لنا إلى يوم الدين، ليعلموا مدى الفسحة والسعة التي جعلها الله في دينه، والحكمة في دعوة الناس إليه، فهذا الأعرابي قادم من البادية لا يعرف للمسجد حرمة ولا قداسة ويظنه كسائر الأمكنة، فأراد أن يقضي حاجته فيه، فقام عليه الصحابة ليضربوه وينهروه على هذه الفعلة، فأوقفهم رسول الرحمة عليه الصلاة والسلام وجعله يكمل تبوله، ثم أمرهم أن يريقوا على بوله دلوًا من الماء لتطهير المكان، ثم أخذ الأعرابي برفق ولين، وعلّمه أن هذه الأماكن بيوت الله أقيمت للذكر والصلاة ولا يجوز إحداث النجاسات فيها، فحينها أحس الأعرابي بخطئه وندم على فعلته، وأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحكمته ولطفه معه، مقابل سلوك الصحابة معه ومحاولتهم ضربه وتأديبه، فلم يسعه إلا أن يقول: «اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي لقد حجرت واسعا يريد رحمة الله» (١) .


(١) صحيح البخاري، رقم٦٠١٠، ص١٠٥١.

<<  <   >  >>