بل بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الاشتغال بالعلم تعلمًا وتعليمًا أفضل من الاشتغال بنوافل العبادات التي يقتصر نفعها على صاحبها، وأن من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع، ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، وبين الفرق الواسع والبون الشاسع بين العالم البصير والعابد الجاهل، فقال:«من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سلك الله به طريقًا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر»(١)
ولهذا التفضيل أسباب منها ما يأتي:
(١) رواه أبو داود: ٣٦٤١، ٣٦٤٢، وابن ماجة: ٢٢٣، والدارمي: ٣٤٢، وحسن إسناده الألباني في تعليقه على «مشكاة المصابيح» : ١ / ٧٤، وفي «صحيح الترغيب والترهيب» : ٦٨، ويشهد له حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، وفيه: (فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير) والحديث رواه الترمذي: ٢٦٨٥، وصححه السيوطي في «الجامع الصغير» : ٥٨٥٩، ورواه الدارمي بهذا اللفظ من حديث مكحول الدمشقي مرسلًا: ٢٨٩، قال الألباني في تعليقه على «مشكاة المصابيح» ١ / ٧٥: وهو مرسل حسن.