للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي الصحيحين أيضًا عن أبي هريرة - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجّأُ (١) بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن شرب سمًا، فقتل نفسه، فهو يتحساه (٢) في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردّى من جبل. (٣) فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا» . (٤) وفي رواية للبخاري: «الذي يخنُقُ نفسه، يخنقها في النار، والذي يطعُن نفسه، يطعُنُها (٥) في النار» . (٦)

وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا» فقد أجاب عنه العلماء بأجوبة، منها: أنه محمول على من فعل ذلك مستحلًا له بلا تأويل، مع علمه بتحريمه، فإنه يصير باستحلاله لما حرمه الله كافرًا، والكافر مخلد في النار بلا ريب.

ومنها: أنه ورد مورد الزجر والتغليظ، وحقيقته غير مرادة.


(١) قال ابن الأثير في جامع الأصول ١٠ / ٢١٧: «وجأته بالسكين: إذا ضربته بها، وهو يتوجأ بها، أي: يضرب بها نفسه» .
(٢) يتحساه: أي يشربه في تمهل ويتجرعه. والسم: بضم السين وفتحها وكسرها، ثلاث لغات، والفتح أفصحهن، انظر: شرح النووي على مسلم ٢ / ١٢١، وفتح الباري ١٠ / ٢٤٨.
(٣) التردي: الوقوع من الموضع العالي، وقوله: (من تردى من جبل فقتل نفسه) أي: أسقط نفسه منه متعمدًا ذلك، وإلا فمجرد قوله (تردى) لا يدل على التعمد، انظر: جامع الأصول ١٠ / ٢١٧، وفتح الباري ١٠ / ٢٤٨.
(٤) رواه البخاري: ٥٧٧٨، ومسلم: ١٠٩.
(٥) قال ابن حجر في الفتح ٣ / ٢٢٩: يطعنها: هو بضم العين المهملة، كذا ضبْطه في الأصول.
(٦) رواه البخاري: ١٣٦٥.

<<  <   >  >>