ولا أقول فيك كما قال إبراهيم بن المهدي لعمرو بن بانة ودعاه يوماً فامتنع من المصير إليه لسخط السلطان عليه فكتب إليه: ليس يخلو أمير المؤمنين أن يكون ساخطاً فما يأبى أن يغرني، وإنك لموقوف بينهما بحمد الله، فأما فلان فلو كان الصديق إذا نزلت به نائبة، أو نالته نكبة، أو نبا به الدهر نبوة استوى عدوه وصديقه في الجفاء به، والاحتراس من خلطته وعشرته، وتك معونته على دهه، لكان اسم الصديق اسماً معلقاً على غير معنى، ولكانت حرمة مودته، واعتقاد إخائه في أيام الرخاء وزمانه ضياعاً لا حظ فيه، كلا والله غن الرجل ليبذل لأخيه في النكبة ماله، وقد أعفى الله مالك وإنه لحظر نفسه في معونته، وقد صان الله نفسك لك، وإنه ليفارق الأوطان والأهلين في إيثار موافقته، ولقد أعفاك الله من أن ترد عليك مسألة في ذلك، وما أردت إلا أن أعلم أن لي صديقاً قد أبقى لي الدهر منه مثل الذي أخذ، وأنفس منه، وأن الأيام لم تبلغ من مساءتي كل ما أحذره، ولله روح منتظر، وفرج مأمول، وصنع متوقع، ولنا ذنوب ما نتهم غيرها، ورحمة الله أكثر منها.
كتب ابن أبي البغل إلى النعمان بن عبد الله أبي المنذر: كتابي - أدام