أحمد بن سعد: ومهما أنكرت على نفسي ثباتاً على عهدك، ومقاماً على طاعتك، تحسن لي القبيح من فعلك، وتتخطى بي في مقابلة العتب إلى العتبي، والسخط إلى الرضا، وتقرب عندي من أسباب عذرك ما بعد، وتوضح من غامضه ما أشكل، حتى إذا أغناني الإنصاف منك لم تنب عنك منزلة الاعتراف التي تقتضيك الصفح عن الذنب، فكيف البراءة والعذر فإن كنت محقاً فالحجة معي، وإن كنت جانباً فهذا عذري.
وله: فكيف صرت تعذر نفسك وتعذلني، وتعفيها وتطلبني، وكان الحق عليك في تعهدي أوجب منه علي لفراغك وشغلي، وتمهلك وعجلتي، واستقرارك ووقاري، وأنت تعلم أني لم أقرأ لك كتاباً إلا هذا الكتاب المشحون بالعتاب، فإن شئت أن تستقصي المحاسبة فما أراك تتعداها بالحجة إلى غيرك، وجملة الأمر عندي بذل العتبي، ووقف نفسي على طاعتك.
كاتب: ووجدت استصغارك لعظيم ذنبي، أعظم لقدر تجاوزك عني، ولعمري ما جل ذنب يقاس إلى فضلك، ولا عظم جرم يضاف إلى صفحك، ويعول فيه على كرم عفوك، وإن كان قد وسعه حلمك، فأصبح جليله عندك محتقراً، وعظيمه لديك مستصغراً، إنه عندي لفي أقبح صور الذنوب، وأعلى رتب العيوب، غير أنه لولا بوادر السفهاء، لم تعرف فضائل الحلماء، ولولا ظهور نقص بعض الأتباع لم يبن جمال الرؤساء، ولولا إلمام الملمين بالذنب لبطل تطول المتطولين بالصفح، وإني لأرجو أن يمنحك الله السلامة بطلبك لها، ويقيلك العثرات العثرات بإقالتك أهلها، وما علمت أني وقفت منك على نعمة أتدبرها إلا وجدتها تستمل على فائدة فضل، تتبعها عائدة عقل.