قال يحيى بن معاذ: واشوقاه إلى حبيب إذا غضب عفا، وإذا رضي كفى.
قلت لأبي سليمان: هل يلاث ما بين الصديقين، وهل يفضيان إلى هجر، وهل يفزعان إلى عتب؟ فقال: أما ما دامت الصداقة قاصرة عن درجتها القاصية، فقد يعرض هذا كله بينهما، لكنهما يرجعان فيه إلى أس المودة، وإلى شرائط المروءة، وإلى مالا يهتك سجف الفتوة، وأما الهجر فإن حدث حدث جميلاً، ولا مستمر لحوافز الشوق إلى المعهود، ومحركات النفس إلى التلاقي، وأما العتب فربما أصلح ورد الفائت، وشعب الصدع، ولم الشعث، والإكثار منه ربما عرض بالحقد، وأحدث نوعاً من النبو، وقد قيل: وما صافيت من لا تعاتبه، وربما كان العود إلى الصفاء بعد هذا الكدر فوق ما عهداه في الأول. وقال الأول:
أناس أمناهم فنموا حديثنا ... فلما كتمنا السر عنهم تقولوا