ولم يحفظوا الود الذي كان بيننا ... ولا حين هموا بالقطيعة أجملوا
قلت فما الفرق بين الصداقة والعلاقة؟ فقال: الصداقة أذهب في مسالك العقل، وأدخل في باب المروءة، وأبعد من نوازي الشهوة، وأنزه عن آثار الطبيعة، وأشبه بذوي الشيب والكهولة، وأرمى إلى حدود الرشاد، وآخذ بأهداب السداد، وأبعد من عوارض الغرارة والحداثة.
فأما العلاقة فهي من قبل العشق، والمحبة، والكلف، والشغف، والتتيم، والتهيم، والهوى، والصبابة، والتدانف، والتشاجي. وهذه كلها أمراض أو كالأمراض بشركة النفس الضعيفة، والطبيعة القوية، وليس للعقل فيها ظل، ولا شخص، ولهذا تسرع هذه الأعراض إلى الشباب من الذكران والإناث، وتنال منهم، وتملكهم، وتحول بينهم وبين أنوار العقول، وآداء النفوس، وفضائل الأخرق، وفوائد التجارب، ولهذا وأشباهه يحتاجون إلى الزواجر، والمواعظ، ليفيئوا إلى ما فقدوه من اعتدال المزاج، والطريق الوسط. على أن العشق والمحبة وما يحويهما فيهما كلام من نحو آخر. وأنشد أبو عبيدة: