للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَدْ نَهَى عَنْهُ العُلَمَاءُ وَأَنْكَرُوهُ وَعَدُّوهُ بِدْعَةً، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ ". وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ هَذَا الفِعْلَ لَمْ يَكُنْ مِمَّا سَبَقَ فِي الزَّمَنِ الأَوَّلِ، وَلاَ فَعَلَهُ السَّلَفُ الصَّالِحُ مِنَ الصَّحَابَةِ، لِقَوْلِهِ: " أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ " (*) مَعَ العِلْمِ بِأَنَّهُمْ أَعْبَدُ مِمَّنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ، وَنُقِلَ عَنْهُمْ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهُمْ شَدِيدُو الحَزْمِ فِي الاِزْدِيَادِ مِنَ الطَّاعَةِ وَالحَمْلِ عَلَى النَّفْسِ مِنْ مُقَاسَاةِ القُرُبَاتِ، حَتَّى لَيَخِفُّ عَلَيْهِمْ إِرَاقَةُ دِمَائِهِمْ، وَقَتْلُ أَوْلاَدِهِمْ وَآبَائِهِمْ فِي الجِهَادِ فِي ذَاتِ اللهِ وَرَسُولِهِ، فَلَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبِقَ هَؤُلاَءِ إِلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠]، وَقَالَ تَعَالَى: {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا} [الفتح: ٢٩]، الآيَةُ، وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ، ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ". فَمَنْ عَرَفَ هَذَا وَجَبَ وُقُوفُهُ عَمَّا وَقَفُوا عِنْدَهُ وَيَفْعَلُ مَا فَعَلُوهُ، وَهُمْ كَانُوا لاَ يَفْعَلُونَ هَذَا. وَلاَ يَعْتَقِدُ عَاقِلٌ أَنْ يَقُولَ: مَا فَعَلُوهُ تَخْفِيفًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنَ المَشَقَّةِ


[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) هذا الحديث ضعيف جدًّا، انظر " التلخيص الحبير "، لابن حجر: ٤/ ٤٦٢، الطبعة الأولى: ١٤١٩ هـ - ١٩٨٩ م، دار الكتب العلمية. بيروت - لبنان.

<<  <   >  >>