للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فضله ودينه وجلاله وعلمه بالأخبار ما يحصل الثقة في أنفسنا بما يحكيه - أن يحيى بن عمر (١) كان سَمِعَ بزقاق الروم - وهو طريقه إلى الجامع بسوسة - فريقًا يكبرون أيام العشر، ويرفعون أصواتهم بالتكبير، فنهاهم عن ذلك وقال: هذه بدعة فلم ينتهوا، فدعا عليهم، ودعاؤه عليهم يقتضي شدة إنكاره لما ابتدع على أمثال هذا؛ وكذا إنكاره حضور مجلس السبت (٢)


(١) أبو زكرياء يحيى بن عمر بن يوسف بن عامر الكناني، أحد أيمة المالكية الأعلام، مولده بالأندلس وانتقل في صغره إلى سكنى القيروان واستوطن آخرًا سوسة وهو من كبار تلاميذ سحنون وعليه اعتماده، وتفقه عليه خلق لا يحصون، وكان ثقة مأمونًا ذا منزلة شريفة عند الخاصة والعامة، وتوفي سنة ٢٨٩ هـ وقبره خارج باب البحر بسوسة مشهور وله تآليف في مواضيع شتى غاية في التحقيق والإفادة (راجع ترجمته بـ " طبقات أبي العرب والخُشني ": ص ١٢٤ وبـ المدارك " لعياض - خط - و" الديباج ": ص ٣٥١ وغير ذلك). وقد أفردت له ترجمة مستوفاة في تعليق على كتابه " أحكام السوق " الذي سأطبعه قريبًا إن شاء اللهُ.
(٢) كان يوجد بالقيروان - خلال القرون الثالث والرابع والخامس - مسجد يعرف بـ «مسجد السبت» يعقد فيه لفيف من العامة وبعض من ينتسب إلى التزهد مجلسًا للذكر والرقائق وإنشاد الأشعار في معنى الزهد يوم السبت من كل أسبوع، وقد نهى عن هذه الاجتماعات كبار علماء القيروان المصلحين مثل يحيى بن عمر المتقدم وشيخ المالكية عبد الله بن أبي زيد وغيرهم وَعَدُّوهَا بدعة سيئة وَأَلَّفُوا كُتُبًا ورسائل في النهي عن مثل هذه المجالس لمخالفتها للسنة الصحيحة (راجع جامع السبت بـ " معالم الإيمان ": ج ٢ ص ٧٣، وج ٣ ص ٢٧ وما بعدها).

<<  <   >  >>