للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَذَا أَخْشَعَ مِنْ عُمَرَ الذِي كَانَ يَنْزُو على الفَرَسِ مِنَ الأَرْضِ».

وهؤلاء الخلفاء الراشدون ولم ينقل عنهم أن هذا المقدار هو كان لباسهم وزيهم، فإن ظن أخرق أن يفعل في اللباس وغيره ما هو أولى عند الله وأنه اجتهد فيما فرطوا فيه أو عرف ما لم يعرفوه فقد خلع ربقة العقل والمسكنة في هذا الدين من ربقته.

وهذا الإفراط في التقشف قد نهى عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنكر على قوم من أصحابه ما أرادوه من التبتل، وأخبرهم أنه أخشاهم للهِ لما طلبوا منه التبتل، فأعلمهم أن التقرب إنما هو بين رؤوسهم والوقوف عندما به حكم، فقال: «لاَ رَهْبَانِيَّةَ فِي الإِسْلامِ».

فينبغي أن يشنع على من ظن به جهل بما ذكرناه ولم يتعلمه أن ينفر العامة منه، فإن قصد بهذا غير وجه اللهِ أو تحيل على جاه أو مال أو صيت فقد تعرض لسخط الله تعالى. وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مِنْ سَخَطِ اللهِ عَلَى العَالِمِ أَنْ يُمِيتَ قَلْبَهُ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ: قَالَ: يَطْلُبُ بِعِلْمِهِ الدُّنْيَا» (*).

وتوعد أيضًا أنه يلقى في النار حيث تنقلب أقتابه ويقال له


[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) لم يرد حديث بهذه الصيغة، انظر: الترمذي، " السنن ": كتاب العلم، باب فيمن يطلب بعلمه الدنيا، برقم (٢٦٥٤)، وابن ماجه في: كتاب الإيمان وفضائل الصحابة والعلم، باب الانتفاع بالعلم والعمل به، برقم (٢٥٣).

<<  <   >  >>