قلت أود أن يعلم هذا الحديث ناس من العرب عرفتهم هنا بالجزائر وطننا هذا وفي الشام وفي مصر كثيروا الاستخفاف بالعجم من الروم والإفرنج وفارس والبربر ولا يرون لهم فضلا فأصمهم الله وأعمى أبصارهم الجهل والتعصب ولكم خاصمتهم وجادلتهم وجدلتهم فتمادوا في العناد والمماراة واحتججت عليهم بما لابن خلدون فأذوه وهو ميت فدافعت لهم لو كان ابن خلدون حيا ما تجاسرتم على مناظرته وما أحسن ما حكي عن ابن مالك صاحب الألفية فإنه لما قال أن ألفيته أفضل من ألفية ابن معطى الزواوي فقال:"فائقة منها بألف بيت" توقف في هذا المصراع ولم يفتح عليه فرأى رجلا في المنام توسم منه العلم فقال له أنه أخذ في نظم ألفيته في النحو خير ألفية ابن معطى إلا أنه توقف في المصراع الأول من رجزه ذلك فسأله الرجل كيف توقفت فقال قلت: "فائقة منها بألف بيت" فقال له الرجل افتح عليك وقل "والحي قد يغلب ألف ميت"(١) أقول هذا ما أقول لجموع المغرورين وأمر بهم مر الكرام باللغو فإنهم لا قيمة لهم للجدال ولا للهجو ومن يضلل الله فلا هادي له ونذرهم في طغيانهم يعمهون وإنما يغيظنا أنهم يضلون الأمة العربية بإيهامهم أنهم غيورون على العرب يدافعون عنهم فينفعونهم وهم يضرونهم ذلك بأن طمس الحقائق من أكبر الغرور وأضره وفي مثل ذلك قال القائل:
هل تطمسون من الماء نجومها ... بأكفكم أو تسترون هلالها
أو تبعدون مقالة عن ربكم ... جبريل بلغها النبي فقالها
شهدت من الأنفال آخر آية ... بتراثكم فأردتم إبطالها
(١) فنبهه عند ذلك ابن مالك فرجع وقال: (وهو بسبق جائز تفضيلا ........)