إذن فنحن أمام كتاب هام يشكل وثيقة تاريخية حررت بطلب وتكليف جماعي من الزواوة لتبيان تاريخهم والرد على من يقول أنهم غير عرب ... ولعل هذا يفسر لماذا لم يصل الكتاب إلى القارئ الجزائري رغم مرور هذه المدة الطويلة على طبعة ونشره، ويوضح لنا أن الاستعمار الفرنسي وأكاديمياته ومثقفيه يعملون منذ وقت طويل على إشاعة الفتنة والحرب الأهلية في أي قطر عربي يبتلي بهم ويريدون من الزواوة، (أو القبائل أو الأمازيغ أو البربر) أن يكونوا وقودا لهذه الفتنة وأداة من أدوات الانفصال والتقسيم .. ولكن الزواوة تفطنوا لهذه الحيلة وأفسدوا على المستعمر الفرنسي سواء في الجزائر أو في الشام مسعاه، وقادوا حركة النهضة العربية - الإسلامية مشرقا ومغربا فكانوا على رأس القومية العربية في يوم الوقيعة خيولا عربية سريعة.
أما منهج الكتاب ومصادره ومراجعه ينطبق عليها ما قلناه على الأسلوب، فإذا كان الكاتب يعتمد على السجع كما هو حال مؤلفي مطلع القرن، فإن منهجه كمنهجهم يحاول التخلص من المنهج القديم ليدخل قدر الإمكان بالمنهج الحديث، ونجده يذكر مراجعه وكلها من أمهات كتب التراث مثل كتب ابن خلدون والمسعودي والطبري وابن إسحاق والكلبي وابن الأثير وابن الخطيب والمقري والواقدي وغيرهم ويحاول المؤلف أن يشير إلى بعض الصحف والخطب وكذا الوقائع والأحداث التي شهدها.
ويبدو أن البحث قد استغرق منه عدة سنوات وعرضه على كثير من مثقفي زمانه وقد فرغ منه كما ورد في صفحة ٩٣ (عشية يوم الأربعاء ١٩ ذي القعدة الحرام عام سبعة وثلاثين وثلاثمائة وألف للهجرة).