إذن فإن أبو يعلى الزواوي لا ينكر ولا يخفي دوافعه الوطنية والعشائرية الدينية في تأليفه لهذا الكتاب، بل هو يحمل الأجيال الجديدة مسؤوليتها إن هي انساقت وراء أولائك الجهال والمهذارين الذين يدقون الأسافين بين الجزائريين الزواوة والجزائريين غير الزواوة ... بل وأكثر من ذلك فهو ينبه هذه الأجيال الجديدة بأن عليها التمحيص والتدقيق والأخذ بأفضل ما في القديم وبأفضل ما في الجديد ... ولعمري إن أبو يعلى كان في هذه العبارات البسيطة مربيا كبيرا ... !!
ثم يتطرق إلى المنهجية حيث قسم كتابه إلى فصول سبعة تجدها منطقية الترتيب والتصاعد، فقد تحدث عن علم التاريخ وفضله أولا، ثم نجده يدخل موضوعه مباشرة إذ خصص الفصل الثاني لنسب الزواوة وهو يكاد يكون أطول فصول الكتاب من صفحة ١٢ إلى صفحة ٢٦ ثم يرفده بفصل ثالث غير منفصل عن الثاني ألا وهو محامدهم وخصائصهم، وأما الفصل الرابع فهو في زواياهم وعلمائهم وخدمتهم العربية، والفصل الخامس في بعض عاداتهم وأما الفصل السادس ففي المطلوب لإصلاح حالهم وخصص السابع للائحة التعليم ونظامه الذي يقترحه ويبين طريقة التعليم.
ونحن في عصرنا هذا حيث في الجزائر عدة جامعات ومنها جامعة تيزي وزو، لو دققنا النظر أن لكل فصل فها يستحق لوحده أطروحة جامعية خاصة.
فالرجل كان عالما محيطا بموضوعه أيما إحاطة عارفا بأبعاده وخفاياه، ويعرف وعورة الطريق الذي يسير عليه، فأن نقول في أول القرن العشرين، والاستعمار ينيخ بكلكله على صدرك، إن الزواوة عرب، فتلك والله بطولة،