للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ينتقل بنا إلى تطابق آخر وهو تطابق العادات والتقاليد، أي تطابق الأخلاق والطباع والسيكولوجية الجماعية، فما يعتبر محمودا عند الزواوة نجده محمودا عند العرب وما هو مذموم عند هؤلاء مذموم عند أولائك.

بل يبدي أبو يعلى الزواوي من العلمية والفهم العميق للمجتمع البشري ما لا نجده عند بعض الباحثين الأوروبيين، فهو لا يعني بالتطاق نسخا مكررة أو يستخرج نسخا مشوهة، فثمة اختلافات هي كاختلاف خنصرك هن بنصرك أو كاختلافك عن توأمك وهذه هي الشعوب فمن قال أن أهالي الألزاس والبريتان نسخة مكررة عن أهالي مرسيليا ..

يقول أبو يعلى في الصفحة ٢٦ (فالزواوة إذن عرب مستعربة وعرب عربا بأصلهم المتقدم ثم أن كثيرا من الأخلاق والعادات والطباع في البربر متماثلة متمازجة بطبائع العرب كاتخاذ البيوت من الشعر والوبر، والطين والحجر، والظعن والإقامة، وكسب الشاء، وحلق الرأس، والشجاعة، والكرم، والقرى، والانتجاع والارتياد، وركوب الخيل وكسب النعم، الإبل والبقر والغنم إلى غير ذلك مما لا يكاد يستقرأ وكلها أحكام الاستعراب والله يحكم لا معقب لحكمه وهو جل شأنه سريع الحساب).

وإذا طبقنا هنا القاعدة العلمية التي تقول: "إن أخلاق الناس تنتجها أوضاعهم الاقتصادية" فإن الوضع الثقافي والأخلاقي للبربر الأمازيغ المتشابه (كل هذا التشابه) مع الوضع الأخلاقي والثقافي للعرب لا يمكن أن يكون قد نتج عن حالة استعمارية، بل هو ناتح بالضرورة عن تشابه أو تطابق اقتصادي، فالبربر والعرب عموما هم أصحاب نظام اقتصادي واحد سماته الأساسية

<<  <   >  >>