ولعلي أذكر هنا أن الزاوية الصمادية في دمشق كانت قد أغلقت وحولها الأتراك إلى إسطبل فأعاد فتحها الشيخ محمد بن يلس إثر هجرته من تلمسان ويمكن الرجوع في ذلك إلى جريدة المقتبس الدمشقية، أما الزاوية الخيضرية فيها، فقد فتحها الشيخ محمد المهدي السكلاوي، أما دار الحديث فقد سمح الأتراك بتحويلها إلى خمارة فاشتراها الأمير عبد القادر وأرجعها إلى سابق عهدها دار علم ويمكن الرجوع في ذلك إلى كتاب "حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر" للشيخ عبد الرزاق البيطار، أما المدرسة الجقمقية فقد تولى الأمير نفسه التدريس فيها وتلميذه فيها الشيخ طاهر الجزائري، ولما تزال قائمة قرب قصر صلاح الدين الأيوبي، فهي الآن متحف للخط العربي.
ومن المعروف أن الاستعمار الغربي قبله الاستعباد التركي حاول في كل من المغرب والمشرق تدمير وإغلاق هذه الزوايا، وفي أقل الأحوال صرفها عن أداء دورها العلمي والقومي فتحولت إلى ما يعرف في الجزائر بالطرقية وفي المشرق بالدروشة، وصار الطرقيون والدراويش، بعد أن حرفوا التصوف إلى مجرد طقوس، عونا للاستعمار وكما شن ابن باديس الصنهاجي حملته ضد الطرقية ونشر التعليم وناضل من أجل العربية والعروبة في الجزائر، فعل الشيء نفسه في المشرق العربي الشيخ طاهر الجزائري وشن حربه على الدراويش وعصرن التعليم وأعاد للعربية رونقها ووقف ضد سياسة التتريك .. وهو مؤسس جمعية النهضة العربية التي انبثقت عنها الأحزاب القومية في المشرق العربي وشيخنا أبو يعلى الزواوي نفسه من مؤسسي جمعية العلماء المسلمين في الجزائر التي حاربت الطرقية