والأضداد، مما عليه تقام القصور وتشاد، ونقدم طوائف وتؤخر أخرى وتذاد، إذ به تحي الأجناس أو تموت الماس، إذ هو للعقلاء معيار وقياس، وللسخفاء ممات وإفلاس، ومع أنه علم طبيعي في الخليفة والأجيال، تتشبث به السوقة والأقيال ذلك بأنهم ذوو المقاصد والآمال، والرغبة والرهبة فيما هنالك من الأعمال، والتشوق إلى ذكر غريزي المنوال، عزيز النوال، ليستفيد العارف ويفيد، ويقتدي بكل فعل حميد، وينبذ كل شائن حصيد، ويتخذ المنقى بين قديم وجديد، وأيد هذا كله الكتاب والسنة، وقال جل شأنه في غير ما آية:{لقد كان في قصصهم عبرة} وقال: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين} وقال: {وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين} وقال إمام المفسرين ابن جرير الطبري في تفسير الآية: {نحن نقص عليك} أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملوا ملة فقالوا يا رسول الله حدثنا فأنزل الله عز وجل أحسن الحديث ثم ملوا ملة أخرى فقالوا يا رسول الله حدثنا فوق الحديث ودون القرآن يعنون القصص فانزل الله: {الر * تلك آيات الكتاب المبين}. قلت وهذا صريح في أن علم التاريخ علم جليل القدر والفائدة، عظيم النفع والعائدة، وهو مطلوب، ويفيد هذا النقل أن ليس علم فوقه سوى القرآن وعلى أن القرآن نفسه تاريخ وعبر، وديوان المبدأ والخبر، ليتذكر أولو الألباب وقال تعالى:{لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب}. {ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون}.