وقصر بقوم حتى جفوا الشيوخ من أهل الدين والصلاح، وأعرضوا عنهم، ولم يقوموا بحقهم، وتجاوز بآخرين حتى عبدوهم مع الله تعالى.
وكذلك قصر بقوم حتى منعهم قبول أقوال أهل العلم والالتفات إليها بالكلية، وتجاوز بآخرين حتى جعلوا الحلال ما حللوه والحرام ما حرموه، وقدموا أقوالهم على سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الصحيحة الصريحة.
وقصر بقوم حتى قالوا: إن الله سبحانه لا يقدر على أفعال عباده ولا شاءها منهم، ولكنهم يعملونها بدون مشيئة الله تعالى وقدرته، وتجاوز بآخرين حتى قالوا: إنهم لا يفعلون شيئا البتة، وإنما الله سبحانه هو فاعل تلك الأفعال حقيقة، فهى نفس فعله لا أفعالهم. والعبيد ليس لهم قدرة ولا فعل البتة.
وقصر بقوم حتى قالوا: إن رب العالمين ليس داخلا فى خلقه ولا بائنا عنهم، ولا هو فوقهم ولا تحتهم ولا خلفهم ولا أمامهم ولا عن أيمانهم ولا عن شمائلهم، وتجاوز بآخرين حتى قالوا: هو فى كل مكان بذاته، كالهواء الذى هو داخل فى كل مكان.
وقصر بقوم حتى قالوا: لم يتكلم الرب سبحانه بكلمة واحدة البتة، وتجاوز بآخرين حتى قالوا: لم يزل أزلا وأبدا قائلا: يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى، ويقول لموسى {اذهب إلى فرعون} فلا يزال هذا الخطاب قائما به ومسموعاً منه، كقيام صفة الحياة به.
وقصر بقوم حتى قالوا: إن الله سبحانه لا يشفع أحدا فى أحد البتة، ولا يرحم أحدا بشفاعة أحد، وتجاوز بآخرين حتى زعموا أن المخلوق يشفع عنده بغير إذنه، كما يشفع ذو الجاه عند الملوك ونحوهم.
وقصر بقوم حتى قالوا: إيمان أفسق الناس وأظلمهم كإيمان جبريل وميكائيل، فضلا عن أبى بكر وعمر، وتجاوز بآخرين حتى أخرجوا من الإسلام بالكبيرة الواحدة.
وقصر بقوم حتى نفوا حقائق أسماء الرب تعالى وصفاته وعطلوه منها، وتجاوز بآخرين حتى شبهوه بخلقه ومثلوه بهم.
وقصر بقوم حتى عادوا أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقاتلوهم، واستحلوا حرمتهم، وتجاوز بقوم حتى ادعوا فيهم خصائص النبوة: من العصمة وغيرها. وربما ادعوا فيهم الإلهية.