قال الله تعالى عن المنافقين {فِى قُلُوبهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً}[البقرة: ١٠] ، وقال تعالى {لِيَجْعَل مَا يُلْقِى الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلّذِينَ فِى قُلُوبهِمْ مَرَضٌ}[الحج: ٥٣] ، وقال تعالى {يَا نِساءَ النَّبِىِّ لَسْتُنَّ كَأَحَد مِنَ النسَاءِ إِنِ اتّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ}[الأحزاب:٣٢] ، أمرهن أن لا يَلنَّ فى كلامهن، كما تلين المرأة المعطية الليان فى منطقها، فيطمع الذى فى قلبه مرض الشهوة، ومع ذلك فلا يخشنّ فى القول بحيث يلتحق بالفحش، بل يقلن قولا معروفا، وقال تعالى {لَئنْ لَمْ ينْتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فى قُلُوبهِمْ مَرَضٌ وَالمُرْجِفُونَ فِى المَدينَةِ لَنُغْرِيَنّكَ بهِم}[الأحزاب: ٦٠] ، وقال تعالى {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلا فِتْنَةً لِلّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلا يَرْتَابَ الّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالمُؤْمِنُونَ وَلِيقُولَ الّذِينَ فى قُلُوبهِمْ مَرَضٌ وَا-لْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بهذَا مَثَلاً}[المدثر: ٣١] .
أخبر الله سبحانه عن الحكمة التى جعل لأجلها عدة الملائكة الموكلين بالنار تسعة عشر، فذكر سبحانه خمس حكم: فتنة الكافرين. فيكون ذلك زيادة فى كفرهم وضلالهم، وقوة يقين أهل الكتاب، فيقوى يقينهم بموافقة الخبر بذلك لما عندهم عن أنبيائهم من غير تلق من رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عنهم، فتقوم الحجة على معاندهم، وينقاد للإيمان من يريد الله أن يهديه. وزيادة الذين آمنوا بكمال تصديقهم بذلك والإقرار به، وانتفاء الريب عن أهل الكتاب لجزمهم بذلك، وعن المؤمنين لكمال تصديقهم به.
فهذه أربعة حكم: فتنة الكفار، ويقين أهل الكتاب، وزيادة إيمان المؤمنين، وانتفاء الريب عن المؤمنين، وأهل الكتاب.